ولكن ماذا لو فعلوها منذ عام.. أو أكثر.. ألم يكن هذا أفضل للقضية الفلسطينية.. فالمراوغات الإسرائيلية والتراجعات الأمريكية قادرة علي إفساد كل محاولات تحقيق السلام.. ولكن يبقي دائماً أن الأشقاء في فتح وحماس ارتكبوا جرماً لن يغفره لهم التاريخ في حق الشعب الفلسطيني. يجب ألا ننكر أن التغيرات التي تموج بها المنطقة العربية كان لها تأثير قوي في التوقيع علي اتفاق المصالحة.. أدركوا أنه إذا لم يتم الاتفاق فسوف تتجاوزهم عجلة التاريخ، كما تجاوزوا هم مصلحة الشعب والقضية الفلسطينية علي مدي ٤ سنوات ماضية. مع الثورات الشعبية العربية انقلبت موازين الأوراق السياسية في الشرق الأوسط، مصر انفتحت بقلبها وعقلها علي الأشقاء الفلسطينيين، بكل فصائلهم وتياراتهم وتوجهاتهم السياسية، أو قناعاتهم في استرداد الحق الفلسطيني المسلوب، لا فرق لديها بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوي، فلا يهم حمساوي أو فتحاوي، ولكن المهم كيف يتم تحقيق هدف السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة استقلالاً حقيقياً.. وذات السيادة الكاملة علي كامل ترابها الذي احتلته إسرائيل في ٥ يونيو من عام ٧٦٩١- أي وفق حدود ٤ يونيو وعاصمتها القدس الشرقية لم يعد أمام مصر بعد ثورتها قيود أو تحفظات اقليمية أو ضغوط أمريكية ودولية، ولا صوت يعلو علي صوت المصلحة المصرية، الفلسطينية، والعربية بصفة عامة. وهو نفس الإدراك لدي زعماء فتح وحماس، فلا يمكن تحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني، إلا بالتوحد في وجه عدو، راوغ علي كل المستويات وبمرور الزمن، وبمختلف الذرائع للتهرب من الالتزام بالقرارات الدولية أو الاتفاقيات الموقعة والتنصل من أي تعهدات لتحقيق السلام. وبنفس المستوي من الادراك تبين أن من مصلحتهم في ظل الظروف الراهنة توقيع المصالحة، ايران ليست بعيدة عن تغيرات جذرية في ظل أزمات داخلية وخارجية، النظام السوري لم يعد قادراً حالياً علي حماية نفسه، وليس فرض حمايته ورعايته لآخرين مثل حماس وغيرها من الفصائل، وكذا الأمر علي مستوي الشعب الفلسطيني في غزة ورام الله الذي خرج في مظاهرات رافعاً شعار »الشعب يريد المصالحة«، ولديه الاستعداد لينقلب الشعار الي »الشعب يريد إسقاط النظام« سواء كان نظام حماس في غزة أو نظام فتح في رام الله. لم يجد الأشقاء الفلسطينيون مفراً من توقيع الاتفاق حسبما نصت عليه الورقة المصرية، التي طالما تهربوا في حماس من الالتزام بها ووافقوا قناعة أو قسرا، علي تسجيل الملاحظات والتفاهمات الأخري لأخذها في الاعتبار عند تطبيق بنود اتفاق المصالحة. توقيع الاتفاق ليس نهاية المطاف، ولكنه خطوة لبداية طريق شاق وطويل لتحقيق الأهداف الفلسطينية بكل الوسائل، التي اقرتها المواثيق الدولية لأي شعب محتل في استرداد أرضه وحريته والتخلص من المستعمر الاسرائيلي، الذي يعد وصمة العار الوحيدة في جبين المجتمع الدولي، خاصة من الأمريكيين والأوروبيين الرعاة الرسميين للاحتلال الاسرائيلي، رغم تصريحاتهم العنترية وتدخلاتهم الفجة في شئون العالم، بدعوي نشر الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ونحن ننتظر منهم ماذا سيفعلون للانسان الفلسطيني المقهور منذ ٠٦ عاماً، إلا اذا كانوا يرون الفلسطينيين غير ذلك، أو أن الانسانية لديهم تخضع لدرجات من التصنيف في قائمة سرية، ويقع الشعب الفلسطيني في ذيل هذه القائمة، وليس من حقوقه الحرية والاستقلال. مصر عاجلت بالتحرك، ليس في اتجاه السعي للتوقيع علي اتفاق المصالحة فقط، ولكنها بادرت بالتحرك علي الصعيد الدولي بمطالبة أمريكا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.. والدعوة الي عقد مؤتمر دولي للسلام محدد بجدول أعمال للوصول إلي نتائج محددة، وخطوات قابلة للتنفيذ وفق برامج زمنية. الشهور القليلة القادمة ستكون شاقة في العمل السياسي وستصل ذروتها في شهر سبتمبر القادم مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.. بعدها سوف نعرف ويعرف العالم، هل أمريكا وأوروبا جادتان فعلاً في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بالتزام إسرائيل بالسلام أم سيفتحون باب جهنم علي الجميع؟ ساعتها فقط يجب أن يعلموا ان ما سوف يحدث ليس ارهاباً ضد اسرائيل، ولكننا - كل العرب والمسلمين - سنعتبره مقاومة وجهادا!. |
0 التعليقات:
إرسال تعليق